masreya

Tuesday, January 30, 2007

الزحمة عدوة الرحمة

نتطاحن في قفص ضيق يخنقنا ، يحول دون الهواء النقي و رئتينا، يغشي ضوء الشمس بكثير من الأتربة و الدخان و عادم أسود يتصاعد من شاحنة مجنونة لا تعرف قواعد مرور أو أخلاق
،
كان نفسي اطير فوق في الفضا و افرد جناحي علي المدي


يتضاءل حيز الخصوصية، لا مكان لك لكي تستمتع بالانفراد بنفسك في دائرة محيطها بضعة امتار، لتتحرك بحرية، و تتنفس بعمق و تغمض عينيك لتخترق اضواء الشمس الجفون و تسبح في بحر من الالوان

مشهد من فيلم الكيت كات: عايدة رياض، تدخل شقة العائلة حيث الأم ، و الأخوات و ازواجهن ، الأشقاء و زوجاتهم، و منتج هائل من الأطفال، المكان ضيق، الحجرات الفقيرة مكدسة، هي مخنوقة بالبكاء، تعاني القهر، الوحدة ، الحرمان، و احباطها في الحياة و الحب، تريد أن تبكي، لا تجد سوي دورة المياة الحقيرة لتختلي بنفسها لتفرغ دموعها، لكن ابدا هناك من يريد أن يشاركها هذا الملاذ الأخير، تندفع طفلة و تصرخ عايدة رياض بكل ما أوتيت من احزان



أنا و زوجي و طفلتنا ننتظر العربة أمام البيت، يحتك سائس الجراج بعربة مارة، يخرج الراكبون يحيطون بسيارتنا في غضب عارم لا يتناسب و الحدث، اعتقدت أن السائس صدم احدهم، يتعجب قائلا: ابدا يا مدام انا بس لمست عربيتهم
منظر الناس يبعث علي الخوف، يريدون ان يفتكوا بالمسكين، أو بأي أحد

د. عادل المدني استاذ الامراض النفسية، يطل من شاشة التلفزيون و يشرح كيف أن الفئران عندما حبسوها في قفص ضيق تكدست فيه بشكل لا رحمة فيه قتلت بعضها البعض، برغم توافر الطعام بكثرة
و علق قائلا ليس بسبب قلة طعام لكنه الصراع من أجل الحق في حيز كافي
مطلب مشروع للفئران

صديقة علي التليفون: لم اعد استطع ان انزل للشارع، الناس شكلها مخيف، كأنهم يريدون الإنقضاض علي أي كائن أو أي شيء، عيونهم مليئة بغصب و جنون

مشهد من شارع عمار بن ياسر امام سور الكلية الحربية، مصر الجديدة، الساعة الثالثة و النصف عصرا، صراخ مصدره سيارة تهدئ ثم تقف في وسط الشارع، تندفع فتاتان خارجها و هما تلعنان بصفات غير كريمة الشاب الجالس امام عجلة القيادة، ثواني يندفع الشاب خارجا من السيارة، في يده ماسورة معدنية، أو سيخ حديد، شيء من هذا، ينهال بالضرب المبرح علي الفتاتين أمام المارة و السكان و حارسي العمارات
الناس تخاف أن تقترب منه ثم يندفع محدثا ضجيجا مفزعا بسيارته


صديق مهاجر يعود في إجازة يفزعه تعبير الوجوه القاسي في الشوارع، انفلات تصرفات السائقين و تهورهم، ردود فعل المارة، الجيران، الناس في تجمعات التسوق، ما هذا، من هؤلاء؟؟؟ كائنات ملتهبة مستعدة لتفجير نفسها في نفسها إن لم تجد قضية تجعلهم شهداء


فؤاد المهندس في رائعته سيدتي الجميلة، قال منذ اربعين سنة متضاحكا أن صدفة هانم سليلة الاتراك النبلاء اشفقت علي الناس الغلابة من الزحمة و اسست جمعية الزحمة عدوة الرحمة، لأن في الزحمة ممكن تتنشل، و تتخانق و تتعور و التعويرة تجيب دم: يااااااااااااااااااااييييييي

Tuesday, January 09, 2007

شغل كايرو

شغل كايرو

بحب مصر الجديدة، اصلها بتفكرني ببيتنا هناك علي البحر، في الاسكندرية، بيوت مصر الجديدة لا تسد السماء، اشعر عندما ارفع عيني اليها انني قريبا ساري البحر، لابد ساري البحر

أنا كنت بنت روشة جدا أيام الجامعة، كنت واخدة بالي من نفسي علي الأخر، يعني شعري لازم يكون متوضب عند الكوافير، فستاني مبهج و كل التفاصيل الصغيرة ماشية معاه، الشنطة، الجزمة، العقد و الحلق
أنا دلوقت بنزل من غير ما اغسل وشي، اصلي كمان اتحجبت بعد ما اتخطبت، يعني، جوزي كان من شروطه اني اتحجب قبل الجواز

اشعر بعزلة فظيعة ، كأنني منزوعة من اصلي ، كأني مهاجرة استراليا و لا كندا، مع ان الحكاية كلها ساعتين بالقطار، لكن احساس الغربة بيأكلني، بيقضي علي، الصبح و انا في طريقي للشغل بعد ما عدي علي الحضانة واسيب كريم، بيبقي نفسي اروح اتمشي علي الكورنيش، اشوف البحر و اشرب قهوة من عند البن البرازيلي، لكن مش ممكن، أنا هنا و البحر هناك في الاسكندرية.

الزحمة و الدخان و الصوت العالي و الفوضي و الساعة و نص بهدلة في المواصلات لحد ما اوصل الشغل، بيجتمعوا يوميا للاطاحة بما تبقي لي من اعصاب بعد معارك الصباح مع كريم و مع أبوه، اصل جوزي ضابط شرطة عصبي حبتين و لازم يلاقي حاجة يتخانق عليها الصبح و لازم الخناقة تنتهي ب... الدين، و أحيانا أمي و أبويا، رغم إنهم عمرهم ما عملوا له حاجة تضايقه، بالعكس، كل ما اروح لهم زعلانة، بابا يرجعني في اول قطار بعد ما اكون فضيت شحنة البكاء المزمنة،
انا مش بحب القاهرة
النهاردة الصبح فضلت واقفة قدام مراية الحمام، عايزة اعيط و مش عارفة، وشي كان بيوجعني ، عيني وارمة، حطيت مكياج تقيل علشان اداريها، لكن لسة باينة و بتوجعني، عاودني احساس الرعب الذي عانيته عندما هاجمني الكلب المسعور زمان و انا راجعة من المدرسة، لسة حاسة بريحة نفسه، و اللعاب اللزج علي رجلي و الدماء و انيابه المغروسة في لحمي، من يومها و انا بخاف من الكلاب و اكرههم.
"اصلي اتخبطت في بوز الكومودينو و انا قايمة الصبح"
لأ متنفعش
"تصوروا النور كان مقطوع الصبح ، اتكعبلت و اتخبطت في الباب "
يعني ممكن، لكن أكيد مني هتفقسها
عندما تأكدت أن مني هتعرف بكيت بحرقة
أنا مش بحب مني
مني زميلتنا في المكتب حلوة، احلي مني بكتير، مني عايشة مع امها، مطلقة من سنتين، ، باحسدها علي حريتها، لا عيل تجرجره وراها في الحضانات كل يوم، و لا رجل يقلب وشه كل ما يشوفها، و لا شغالة مدوخاها، تيجي يوم وعشرة لأ، و لا حماة تنكد عليها علشان مش عارفة تخلف غير عيل واحد،
مني لما جوزها ضربها أول مرة خرجت من البيت و مرجعتش أبدا

مني قربت من مكتبي و طبطبت عليا، لما كنا لوحدنا ساعة صلاة الضهر، خرج الاستاذ محمد و الاستاذ عليوة والمهندس صلاح يصلوا، المهندس ماجد خرج يشرب سيجارة، ساعتها جت مني و قربت من مكتبي و طبطبت عليا، و حضنتتني، مقدرتش امسك نفسي و عيطت بصوت مكتوم في صدرها، قالت لي ان الوضع ده مش لازم يستمر اكتر من كده، و ان ده هياثر علي نفسية ابني، قلت لها انه عصبي لكن بيرجع يصالحني و بعدين ينسي نفسه و يتخانق مع دبان وشه، قلت لها انه اتغير كتير عن ايام الخطوبة، و ان منظر البدلة الميري و الرتب اللي كان بيفرحني بقي بجيب لي اكتئاب، مسحت دموعي بسرعة و رجعت مني لمكتبها لما سمعنا صوت الاستاذ عليوة بيختم الصلاة

جرايد الصباح اعلنت اليوم انه في حي كذا بالقاهرة وقع حادث مأساوي أودي بحياة موظفة شابة ارتطم رأسها بشدة بحافة منضدة إثر تعثرها في الظلام نتيجة انقطاع الكهرباء