"عمو" حمزة كان هذا هو الاسم الذي اعرفه له، بحكم انه عم اعز صديقاتي، هي ليست فقط صديقة، انها رفيقة الكفاح الذي بدأناه سويا في مدرسة الراهبات مرورا بالطب و وصولا الي فرنسا و العودة لمواصلة الكفاح المقدس في رسالة الطب الذي اعتقدنا فيه انسانيا، لكن مع مواجهات الواقع الغير انساني و البعيد عن اخلاقيات مثالية عبيطة في عرف الكثيرين، انسحبت بهدوء منزوية في بيتي بالقاهرة و اختارت هي الانسحاب بعيدا عن ارض الوطن مع عبورها الاطلنطي للهجرة، لكن بقي "عمو حمزة" يجمعنا نحن الاثنتين، دليلا علي وجود اشياء جميلة في الحياة، و صدق انساني نبيل.
اكتبي........ لما يوجعك الالم قوي اكتبي، لما تحتاجي تواجهي المك و تكشفيه و تطهري جروحك، اكتبي، طلعي كل اللي جواكي علي الورق و اعيدي قراءيه، ستجدينه اقل ايلاما و اكثر بهجة مما تخيلت،
هذه كانت نصيحة عمو حمزة لصديقتي، و لقد استعرت النصيحة، و شفيت بسببها من كثير من الجروح لازمتني سنين طوال، و تبددت فور افراغها علي الورق و مواجهة حقيقتها،
احمل لحمزة علاء الدين حب خاص، دعوته التي تركها لي علي باب المسرح بباريس
أغانيه ليلتها بزيه الأبيض النوبي، وجهه الأسمر الطيب، و غناه الذي يقتطع جزء من قلبي و يذهب بعيدا الي حيث يصف الحقول و النيل و ألم الغربة و الضياع
"يا عرافة لو تعرفي تشوفي لي كفي
لو تعرفي علم الغيب"
الدفوف و رتم الأيدي المصفقة، و صوته الشجي الحنون حنية ملمس الطين الخشن مثل أيدي الفلاحين، ، الجمهور الذي وقف له في نهاية الحفل مع دوي الاكف المشجعة التي تحيي اصالة الفن الخالص ، الفن الذي يحمل عبق حضارة و عمق فنان انسان كان يسعد قلوب و ارواح لا تفهم كلمات اغانيه و لا تبهرها توزيعات موسيقية اوركسترالية، بقدر ما كان ينفذ اليهم صدقه و رهافة حسه، كل ما كان يعتمد عليه هو صوته، عوده، دفوفه، و رتم يديه المصفقة بتتابع رائع و مؤثر.
احمل ذكري هذه الليلة في اعز الأماكن في قلبي، و صوته الضاحك عندما استقبلنا بعد الحفلة، ببدلته الغامقة و معطفه و نظارته الطبية و تلك الطاقية الصوف التي كان يضعها محتميا بها من برد ديسمبر القارس و التي تشبه طواقي الروس، حمزة علاء الدين رحل و عرفت ذلك بالصدفة، لم تشأ صديقتي ان تخبرني، تعرف كم كنت احبه، و كم ساظل احب ذلك العجوز الاسمر الوجه خفيف الظل عبقري الالحان صادق الكلمات و المشاعر، و سأحتفظ بكلماته التي سجلتها من حديث له في اذاعة الشرق بباريس مع هيام مذيعة المحطة وقتها، عندما حكي عن نشاته و حبه للموسيقي و مقابلته للشيخ زكريا أحمد و عمله في مجاميع فيلم كليوباترا في بداية حياته، دراسته للموسيقي و رحلته في الحياة بين الولايات المتحدة و اليابان، حيث كان استاذا لفلسفة الموسيقي الشرقية بالجامعة هناك
"و سيظل بالنسبة لي الي الأبد عمو حمزة"
http://napata.org/songs/hamza/hamza.html